Credit: kentoh/iStock by Getty Images

مدى تأثير تفاقم المخاطر الجغرافية-السياسية على أسعار الأصول

تفاقم التوترات يمكن أن يلحق ضررا بأسواق الأسهم، ويزيد تكاليف الاقتراض الحكومي، ويشكل مخاطر على الاستقرار المالي

لا تزال المخاطر الجغرافية-السياسية العالمية مرتفعة، مما يزيد المخاوف بشأن أثرها المحتمل على الاستقرار الاقتصادي والمالي.

ويمكن لصدمات مثل الحروب، أو التوترات الدبلوماسية، أو الإرهاب أن تؤدي إلى اضطراب حركة التجارة والاستثمار عبر الحدود. ويمكن لهذا الأمر أن يلحق ضررا بأسعار الأصول، ويؤثر على المؤسسات المالية، ويقلص حجم الإقراض للقطاع الخاص، مما يؤثر على النشاط الاقتصادي ويهدد الاستقرار المالي.

ويصعب على المستثمرين تسعير هذه المخاطر بسبب طبيعتها المتفردة، وندرة تواترها، وعدم اليقين بشأن مدتها ونطاقها. ويمكن أن يؤدي هذا إلى ردود أفعال حادة على مستوى الأسواق حين تتحقق هذه الصدمات الجغرافية-السياسية.

وكما نوضح في أحد فصول أحدث عدد من تقرير الاستقرار المالي العالمي، غالبا ما تشهد أسعار الأسهم انخفاضا كبيرا خلال الأحداث الكبرى التي تنطوي على مخاطر جغرافية-سياسية، قياسا* بالتحقيقات الإخبارية الأكثر تواترا التي تورد التطورات الجغرافية-السياسية المعاكسة والمخاطر المرتبطة بها. ويبلغ متوسط الانخفاض الشهري حوالي نقطة مئوية واحدة على مستوى البلدان، على الرغم من أنه أكبر بكثير في اقتصادات الأسواق الصاعدة حيث يبلغ 2,5 نقطة مئوية.

الأحداث المحلية التي تنطوي على مخاطر جغرافية-سياسية يمكن أن تخفض عائدات الأسهم وتزيد علاوات المخاطر السيادية

ومن بين الأنواع المختلفة من أحداث المخاطر الجغرافية-السياسية الكبرى، تُلحق الصراعات العسكرية الدولية أكبر الضرر بأسهم الأسواق الصاعدة، ربما بسبب اضطرابات اقتصادية أكثر حدة مقارنة بأحداث أخرى. وفي هذه الحالات، يبلغ متوسط الانخفاض الشهري في عائدات الأسهم 5 نقاط مئوية، وهذا مقدار كبير يعادل ضعف ما تسببه جميع أنواع الأحداث الأخرى.

والمخاطر الجغرافية-السياسية المتفاقمة قد تؤثر أيضا على القطاع العام بسبب تباطؤ النمو وزيادة الإنفاق الحكومي. وبالتالي، فإن علاوات المخاطر السيادية - التي تُقاس بأسعار المشتقات الائتمانية التي تحمي من التعثر في السداد - غالبا ما تزيد في أعقاب الأحداث الجغرافية-السياسية بحوالي 30 نقطة أساس في الاقتصادات المتقدمة، و45 نقطة أساس في اقتصادات الأسواق الصاعدة، وذلك في المتوسط. وهذه التوترات المالية كبيرة للغاية في اقتصادات الأسواق الصاعدة، حيث تزيد علاوات المخاطر السيادية إلى أربعة أضعاف على هذا النحو.

التداعيات العابرة للحدود

يمكن أيضا لتداعيات أحداث المخاطر الجغرافية-السياسية أن تنتقل إلى اقتصادات أخرى عبر الروابط التجارية والمالية، مما يزيد من مخاطر انتقال العدوى. كما تنخفض تقييمات الأسهم بمتوسط يبلغ نحو 2,5% في أعقاب انخراط إحدى البلدان الرئيسية الشريكة في التجارة في صراع عسكري دولي. وبالمثل، ترتفع علاوات المخاطر السيادية حين ينخرط الشركاء التجاريون في أحداث المخاطر الجغرافية-السياسية، ويبلغ الأثر مقدار الضعفين على الأقل على اقتصادات الأسواق الصاعدة التي ترتفع فيها مستويات الدين العام مقارنة بالناتج الاقتصادي، وتنخفض كفاية الاحتياطيات الدولية، وتضعف فيها المؤسسات، على النحو الوارد في الفصل.

الأحداث الخارجية التي تنطوي على مخاطر جغرافية-سياسية يمكن أن تلحق الضرر بعائدات الأسهم من خلال التجارة

وبالإضافة إلى هذا، يشكل عدم اليقين المتزايد قناة رئيسية لرد الفعل على مستوى أسعار الأصول. وغالبا ما تؤدي الصدمات الجغرافية-السياسية إلى زيادة أجواء عدم اليقين بشأن أوضاع الاقتصاد الكلي لعدة أشهر. إلا أن المستثمرين يدركون هذه المخاطر ويطلبون تعويضا عن حيازة أسهم يكون أداؤها أضعف حين تتعرض لأي صدمة.

وفي نهاية المطاف، قد يؤثر حدوث انخفاض مفاجئ في أسعار الأصول على المؤسسات المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية مع احتمال انتقال التداعيات إلى النظام المالي الأوسع نطاقا والاقتصاد الحقيقي. وعلى سبيل المثال، غالبا ما تلجأ البنوك إلى كبح الإقراض، وتشهد صناديق الاستثمار انخفاض العائدات وتزايد مخاطر الاسترداد المبكر حين تتعرض لأحداث المخاطر الجغرافية-السياسية.

تخفيف المخاطر

في حين قد يبدو أن أوضاع الاقتصاد العالمي والأسواق المالية تشهد تقلبات متكررة بفعل أحداث غير متوقعة وحتى غير مسبوقة، لا يزال هناك الكثير الذي يمكن أن يفعله القطاع المالي والمسؤولين عن تأمينه لحماية الاستقرار المالي.

وعلاوة على هذا، ينبغي للمؤسسات المالية وأجهزتها التنظيمية تخصيص موارد كافية لتحديد المخاطر الجغرافية-السياسة وقياسها كميا وإدارتها. ويمكنها ذلك، على سبيل المثال، عن طريق اختبارات القدرة على تحمل الضغوط وتحليلات أخرى تتضمن إلى أي مدى من المحتمل أن تتفاعل المخاطر الجغرافية-السياسية مع الأسواق المالية.

وبالإضافة إلى هذا، ينبغي للمؤسسات المالية الاحتفاظ بما يكفي من رأس المال والسيولة لمساعدتها على تحمل الخسائر المحتملة بسبب المخاطر الجغرافية-السياسية. كما يتعين على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تطوير الأسواق المالية وتعميقها على نحو أكبر لمساعدة المستثمرين على إدارة المخاطر. وأخيرا، بما أن البلدان ذات هوامش الأمان المالية الأضعف تكون معرضة بدرجة كبيرة لصدمات جغرافية-سياسية، فإن وجود حيز كافٍ للتصرف من خلال سياسة المالية العامة واحتياطيات دولية كافية يمكن أن يساعدها على التصدي لهذه الاضطرابات بشكل أفضل.

– تستند هذه التدوينة إلى الفصل 2 في عدد إبريل 2025 من تقرير الاستقرار المالي العالمي بعنوان “المخاطر الجغرافية-السياسية: وانعكاساتها على أسعار الأصول والاستقرار المالي.”

* بالانجليزية